مؤتمر حول الواقع البيئي في انطلياس والجوار
أقيم في الحركة الثقافية – أنطلياس مؤتمر حول الواقع البيئي في أنطلياس والجوار، بدعوة من “الحركة البيئية اللبنانية” بالشراكة مع “الحركة الثقافية”، امتد على جلستين يسر أولاها مستشار مجلس إدارة “الحركة البيئية” أيمن دندش، وثانيها أستاذة اللغة الفرنسية وآدابها الدكتورة نجاة الصليبي الطويل.
أبي نادر
وأشارت الأمينة العامة “للحركة الثقافية – انطلياس” نايلة ابي نادر في تقديمها المؤتمر، الى أن “الحركة الثقافية نشأت منذ سبعينيات القرن الماضي في رحاب دير مار الياس العريق الذي يحتفل هذا العام بالمئوية الثالثة لحضوره في أنطلياس، وحرصت على العمل الثقافي المجرد من الإنقسامات الفئوية والصراعات الطائفية، كما من الزبائنية السياسية، وهي الآن، وعلى الرغم من كل الظروف المحيطة بنا تصر على عدم التنازل عن القيم التي آمنت بها، إذ تعمل جاهدة على النهوض بالفكر والثقافة والقيم الإنسانية المبنية على احترام التعدد والإختلاف، وتحصين المواطنية، وبناء دولة القانون والمؤسسات”.
اضافت: “نجتمع اليوم لنبحث مع نخبة من أهل العلم في ما تعانيه البيئة المعذبة في أنطلياس والجوار، هذه البيئة التي تحملت الإهمال، والتراخي، والتجاهل، والنسيان، وهي ترزح اليوم تحت وطأة الكوارث التي تضربها. أنطلياس ليست غريبة عما يعانيه الوطن كله، فما أصابه قد أصابها، وهي اليوم تنظر إلينا عل هذا المؤتمر يفضي إلى نافذة تشرق منها أنوار الأمل بغدٍ أفضل”.
بو كرم
وبعد مداخلتين لكل من نائب رئيس بلدية أنطلياس الدكتور إميل بو حبيب عن الواقع البيئي البلدي وللدكتور في الكيمياء وفي إدارة النفايات الصناعية حنا بو حبيب، ركز المهندس يوسف بو كرم في مداخلته على الجانب المتعلق بالثروة المائية وأهميتها البيئية وكيفية استرجاع بعضها والحفاظ على البعض الآخر، وقال: “كما سمعتم وستسمعون عن انطلياس في التاريخ فهي أرض الانسان الأول في كسار عقيل ارض وادي انطلياس بينابيعه وطواحينه وجسوره ومغاوره وارضه الخصبة التي انتجت ثمارا وحريرا وليمونا وباطون مؤخرا”.
أضاف: “منذ بداية التاريخ تمحور النشاط الإنساني في وادي وسهل انطلياس حول مصادر المياه بنهرها الذي ينبع منها ويصب فيها بطول اقل من 3 كلم بمصادر مياهه المتعددة من نبع الفوار الى تنور السلطنة وتنور الوادي ونبع القصيبة الى مجموعة من قنوات غذت الساحل من الزلقا الى الضبيه لدى بساتينه وطواحينه التاريخية ومنها طاحونة الوادي المجاورة لجسر الامارة اعلى النهر وطاحونة السلطنة وطاحونة الدير، اما العدد الإجمالي للطواحين العاملة بمياه النهر في حينه فهي سبعة طواحين”.
وتابع: “إن نهر انطلياس بالإضافة الى أهميته كحاضن ومصدر حياة وازدهار لهذه البقعة من ساحل المتن فإن أهميته البيئية لا تقل أهمية عن الأولى، فهو يشكل امتدادا للنهر الجوفي الممتد من ترشيش في أعالي المتن وصولا الى الفوار وينابيع الوادي المتعددة امتداداً عبر وادي انطلياس الى البحر”.
وأردف: “واقعنا اليوم يشير الى أن جزءين أساسيين من النهر قد تم تدميرهما وهما مجرى النهر السطحي والمصب والشواهد كثيرة”.
وتطرق الى الخطوات الواجب اتخاذها لحماية ما تبقى من بيئة وادي انطلياس المائية والتراثية، مقترحا “عدة إجراءات وخطوات لا بد منها لوقف الكارثة التي وصلنا اليها:
1- وضع مخطط توجيهي بيئي – عمراني – ثقافي – سياحي لوادي نهر انطلياس ومحيطه والهدف تنمية وفق خطة تحافظ على بيئته ومعالمه الثقافية وصولاً الى إعلانه محمية طبيعية.
2- وقف المجارير التي تصب في مجرى النهر.
3- وقف رمي الاتربة وناتج الحفريات في مجرى بالآلية نفسها كما في النقطة (2).
4- وضع دراسة هيدرولوجية لمجرى النهر بهدف تحديد التدفقات القصوى والأماكن التي تشكل عنق زجاجة وتتسبب بفيضان ومعالجة الأسباب لتلافي جرف النهر بالجرافات.
5- رفع التعديات على مجرى النهر بتطبيق القانون وإلزام المواطنين التعامل مع النهر وبيئته باحترام ووعي”.
الجلسة الثانية
وتساءلت الطويل في تقديمها الجلسة الثانية: “مما يأتي سحر انطلياس او “قبالة الشمس” باليونانية، او قبلتها؟ أمن أساطير موجها الجذاب واغواء حورياته المتنكرات، أم من تهديده الهادر ليلا يقذف بالقراصنة فيستبيحون الشاطئ؟”.
كلاس
وأشارت الدكتورة ندى كلاس الى أن “الانسان يعيش في بيئة محددة، من هنا دراسة البيئة مهمة للتعرف على الانسان وعلى ما أنتجه”، مشددة على “أهمية المغاور التي تحتويها أنطلياس، عددها كبير وهي مليئة بالماء وتصب في مجرى نهر الفوار، وهناك عدة مغاور غير مكتشفة في انطلياس”.
ورأت أن المشكلة “في المياه المبتذلة التي تختلط بالمياه الجوفية، في الكسارات التي تدمر المغاور”، متوقفة عند “أنطلياس موطن للانسان الأول حيث سكنت ثلاث مغاور من قبل الانسان الأول: كسار عقيل – مغارة البلانة – مغارة برجي”.
وشددت على “أهمية أنطلياس في التاريخ من خلال أدلّة وبراهين متوفرة في مراجع تركها باحثون كبار جاؤوا الى لبنان ودرسوا طبيعة أرضه”.
عقل
وقال المهندس ميشال عقل: “بالتأكيد إن الأسباب الموضوعة التي دفعت ولا تزال تدفع بنا نحو الهاوية بلوغا الى هذا الانتحار الجماعي المتراكم والمتعاظم والمتفاقم كثيرة منوعة ومتداخلة. وهي دون أدنى شك تتصل بالسياسة والإدارة والقانون والثقافة والأخلاق والتربية، لكن السبب الرئيسي الأول الذي يختصر ويختزل ويتصدر كل هذه الأسباب، يتمثل بفلسفة النظام الإقتصادي-المالي الذي يحصر الثروة بالتجارة والخدمات والمصارف والمال والعقار والبناء والمدينه دون النظر الى المرتكزات الأخرى وأهمها الزراعة والمياه والشاطىء والثقافة والسياحة والصحة والمناخ والثروة الطبيعية والبشرية والعلم واقتصاد المعرفة والتكنولوجيا”.
أضاف: “من المؤكد والنهائي أنه لن يكون لنا أي تبدل أو تقدم في أي ملف وبخاصة منه البيئي، من دون إعادة نظر جذرية بمرتكزات النظام الاقتصادي المالي الحالي والذي ساهم في ايصالنا الى ما نحن عليه من مآس وأزمات لا تعد ولا تحصى”.
وختم: “علينا أن نتذكر دائما أن الأرض ليست ملكا لنا، نحن عليها أوصياء زائلون، فقد ورثناها وعلينا أن نورثها الى أجيال جديدة”.
لطيف
بدوره، قال المهندس زياد لطيف: “تتمتع أنطلياس بخصائص جغرافية وأثرية ودينية وثقافية واقتصادية وترفيهية فريدة من نوعها، تسمح لها بأن تكون مدينة نموذجية، نحب العيش والسكن فيها ونرغب بزيارتها للسياحة، هذا بالإضافة إلى استقطابها حاليا للعديد من المؤمنين والمثقفين، وأصحاب المصالح، ورواد المطاعم، والملاهي”.
أضاف: “انطلاقا من انتمائي العميق لهذه البلدة وتجرِبتي المتواضعة مع البلدية، أحببت أن استعرض معكم بعضَ التدابير العملية التي يمكن اتخاذها لإيقاظ وتفعيل أهم الثروات النائمة والدفينة في أنطلياس، لِـتُـصبح هي المدينة التي نحلم بها ونتمناها، في تشغيل المتاحف الموجودة وهي متحف الأستاذ المعلم قبلان مكرزل و متحف الأخوين رحباني”.
وتابع: “نظرا لكثرة وتـنـوع الأفكار والمواضيع التي يمكن أن تستوعبها الساحة، اتخذ المجلس البلدي قرارا بتعيين لجنة لإجراء مسابقة بين مكاتب الهندسة اللبنانية، وانتقاء المشروع الأفضل والمناسب للبلدة”.
وشرح ميزات نهر أنطلياس الذي “لا يجف طوال فترة الصيف، ما جعل المزارعين يستقرون في أراضيهم، وأصحاب المطاحن بالقرب منها”، متطرقا الى السياحة في أنطلياس والخطوات التي ينبغي أن تجري في هذا المجال حيث “اكـتشفـت جمعية التنقيب عن المغاور مغارة مائية مماثلة لمغارة جعيتا، إذ يكفي تأهيل هذه المغارة بالإنارة والتهوية ومسار للمشاة، والتنسيق مع وزارة السياحة، كي تصبح معلما يقصده السياح من كافة أرجاء العالم”.
كما تناول موضوع البيئة والصحة وضرورة “العمل على ثلاثة أمور لخدمة هذا الموضوع في الحدائق العامة، وفي النقل المشترك بغية الحد من التلوث والازدحام، وفي إنشاء الملاعب الرياضية”.